في فضيلة التفلسف

" وكنت أبغي بعد ذلك  أن أوجه النظر إلى منفعة الفلسفة و أن أبين أنه ما دامت تتناول كل ما يستطيع الذهن الإنساني أن يعرفه ، فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من الأقوام المتوحشين و الهمجيين، و أن حضارة الأمم  و ثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها ، و لذلك فإن أجل نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هو أن يمنحه فلاسفة حقيقيين. و كنت أبغي أن أبين فوق هذا أنه بالنسبة إلى الأفراد، ليس فقط من النافع لكل إنسان أن يخالط من يفرغون لهذه الدراسة، بل إن الأفضل له قطعا أن يوجه انتباهه إليها و أن يشتغل بها، كما أن استعمال المرء عينيه لهداية خطواته و استمتاعه عن هذه الطريق بجمال اللون و الضوء أفضل بلا ريب من أن يسير مغمض العينين مسترشدا بشخص آخر..."           ديكارت


 

تلخيص بحث تمثلات التلاميذ للفلسفة وانعكاسها على تدريسها

حنان بوعشرين

 

  يتخذ هذا البحث من " تمثلات التلاميذ لمادة الفلسفة" موضوعا له، و الذي يتأرجح بين اعتبارها نوع من التفكير غير ذي جدوى و منفعة، و تفكيرا آخر يعتبرها نوع من التفكير  المجدي و النافع، و ذلك بهدف الكشف عن طبيعة هذه التمثلات و مصدرها، و تأثيرها على الدرس الفلسفي، حتى يكون من الممكن الوعي بها و تجاوزها.

            و نحن إذ نطالع هذا البحث فإنما سعيا من مقاربته و تلخيصه، و ثانيا من أجل الوقوف على مضمون أفكاره و الاستفادة منها و استيعابها بشكل جيد، خاصة و  أنه يعالج قضية مهمة و هي تمثلات التلاميذ لمادة الفلسفة، حيث قسم البحث إلى مقدمة و فصلان رئيسيان ثم خاتمة.

            و هكذا تم التطرق في الفصل الأول بالدرس و التحليل. التناول السوسيولوجي للتمثلات، تناول علم النفس الاجتماعي للتمثلات، تصور علم النفس المعرفي للتمثلات و اهمية دراسة التمثلات في إطار العملية التعلمية التعليمية ، إذ حاول البحث الإحاطة بمفهوم التمثلاث سواء في المستوى النظري، حيث سيتم التطرق لمختلف التنظيرات التي حاولت مقاربة التمثلات، و في هذا السياق تمت مقاربتها من الناحية السوسيولوجية و النفسية و كذلك التنظيرات التربوية، بهدف الإحاطة ببنية التمثلات و كيفية تشكلها و خاصة الاشتغال عليها بهدف حذف الجوانب السلبية و التي تشكل عوائق أمام العملية التعليمية.

            أما الفصل الثاني فسيقارب نتائج دراسة ميدانية حول تمثلات التلاميذ لمادة الفلسفة تنطلق من منطلقات و تطرح فرضيات منتهية لنتائج دراستها لعينة التلاميذ، حتى يتم التمكن من تشكيل رؤية أقرب لمعطيات الواقع، إذ يتم الانتقال من تمثلات التلاميذ إلى وعي منظم و عالم بهذه الأخيرة باعتبارها منطلقا أساسيا في قيام و نجاح أي فعل تربوي.

            و بالتالي فالإشكالية التي انطلق منها البحث و حاول حلها ندرجها كالتالي: إلى أي حد تأثر التمثلات الخاصة للتلاميذ في مادة الفلسفة؟ هل لها دور مهم مقارنة بباقي الأدوات الديداكتيكية المبرمجة في نظام التعليم؟ هل تحدد تطور سير العملية التعليمية التعليمية؟ عندما نتحدث عن التمثلات، هل نقصد نوعا واحدا أم أنواع حسب الوسط الذي ينتمي له التلاميذ؟ و ما دور العوامل السوسيو اقتصادية في قيام و إنشاء هذه التمثلات؟ و بتعبير آخر ما مصدر هذه التمثلات؟ ما مدى مساهمة طبيعة الدرس الفلسفي في بروز هذه التمثلات؟ و إذا كانت تمثلات التلاميذ حول مادة الفلسفة تتميز بطابع سلبي، فما تأثير ذلك على عملية تلقينها؟

             انطلق الطالب الأستاذ من تناول سوسيولوجي للتمثلات، الذي يحيل عن البحث في أصل تشكل الأفكار و قيامها، أي بشروط إنتاج الرأسمال الثقافي و السلطة الرمزية، و في هذا السياق قارب تصور "إميل دوركايم"، الذي اعتبر أن التمثلات تنهل من الحياة الاجتماعية، و تبدو من العلاقات القائمة بين الأفراد أو الجماعات الثانوية التي تتموقع بين الفرد و المجتمع الكلي، حيث لا يمكن فهم التمثلات الفردية دون الاطلاع على المواقف و الميولات و الثقافة السائدة، و بهذا تكون التمثلات تصورات اجتماعية تتأسس في شكل قيم و معايير السلوك و التذوق و القول، إلا أن مساهمة "دور كايم" تندرج ذاتها في إطار الاهتمامات السياسية التي ميزت نهاية القرن التاسع عشر، و هي فترة تميزت بصراعات اجتماعية.

            يقيم "دور كايم" إذن تصوره للتمثلات مركزا على الجانب التوافقي، فماذا إذن عن التصورات التي ركزت على الصراع و التناقض؟ و هنا تمت مقاربة التصور الماركسي للتمثلات، حيث ركز ماركس على فضح و كشف الطابع الوهمي لتفكير يعتقد أنه يتطور بشكل مجرد بناء على معطياته الخاصة، بينما هو في الواقع تعبير عن وقائع اقتصادية و اجتماعية لا يعي المفكر أنها هي التي تحدد وعيه، و أوهام الوعي هذه يسميها "ماركس" بالإيديولوجيا التي تعتبر أفكارا خاطئة للناس عن الواقع الاجتماعي أي على الوعي المزيف، و بين التركيز على العوامل الموضوعية أو استبعادها لصالح الاختيارات الذاتية و فاعلية الأفراد، يبرز تصور "بييربورديو" حيث قام باستلهام النظرية الماركسية، منتهيا بطرح نظري يقول بتفاعل العوامل الذاتية و الموضوعية فيما يخص موضوع التمثلات. قاطعا بذلك مع تصورات علم النفس الاجتماعي و التي تقوم على أساس تصور ظاهراتي للواقع الاجتماعي حيث اعتبر "بورديو" أن مهام السوسيولوجيا إنشاء فرع لها يهتم بإدراك الواقع الاجتماعي أي سوسيولوجيا تهتم بطرق تشكل الرؤى حول العالم، تساهم بدورها في بلورة رؤية أوسع حول التمثلات.

            أما المحور الثاني من الفصل الأول فسيتم تناول علم النفس الاجتماعي للتمثلات، و كمرحلة أولى، تم تحديد و تعريف مفهوم "الاتجاهات" إذ ارتبط تأسيس علم النفس الاجتماعي ارتباطا وثيقا بتناول ودراسة مفهوم الاتجاهات، حيث عرف مجموعة من السوسيولوجيين الأمريكيين علم النفس الاجتماعي بأنه دراسة الاتجاهات باعتبارها تبتدئ من خلال الطريقة التي يعرف بها الفرد الوضعيات و سلوكه اتجاهها، ليركزوا بعد ذلك على دراسة العلاقة بين القيم و التمتلات، خاصة و أن الاتجاهات تعتبر مفتاحا لدراسة العلاقات بالأشياء و تفسير المتغيرات العلائقية بين الأفراد وبالفعل فإن الاهتمام بالاتجاهات، يعني التركيز على البعد الإدراكي و المعرفي لدى الفرد و كذلك التفاعلات بين المجموعات، حيث يتم تداول فكرة أن الفرد يحاول بلوغ الانسجام الكامل مع محيطه و عالمه المعرفي، لكن بالتوصل لنتائج محدودة فيما يتعلق بتلازم الاتجاه مع السلوك، بالإضافة إلى استنفاد الاتجاهات لطاقتها كإشكالية معرفية. برز مفهوم التمثلات الاجتماعية من جديد في ميدان علم النفس الاجتماعي، حيث وفر لعلماء النفس الاجتماعي آفاق تنهل من الأصول السوسيولوجية مما يسمح بمقاربة التحولات الاجتماعية بشكل أفضل، إذ تم الاهتمام بالتمثلات الاجتماعية، و يرى "موسكو فيتشي" أنه إذا كانت الروح السوسيولوجية حاضرة في الاتجاهات، فإنها أكثر حضورا في الجانب المعرفي وكدلك بالنسبة للتمثلات التي يحددها بإدراك الفرد و تحليله المنطقي لمعارفه و معلوماته حول الآخرين، و مع دراسة المعارف الاجتماعية تبدت آفاق جديدة. ترتبط بفكرة أن الفرد يحول المعارف التي تأتيه من العالم الخارجي، أما بالنسبة للتمثلات فقد ارتبطت بظهور انشغالات جديدة في مجال علم النفس الاجتماعي، حيث بدأ الاهتمام بدراسة تعقد التفاعلات بين المجموعات و العلاقات الاجتماعية، و تقنين التبادل بيننا و بين الواقع و بالتالي الاهتمام بتقل و ضغط السلوكات الجماعية، ادن ما علاقة مفاهيم مثل التصنيف الاجتماعي بالتمثلات؟.

            يعني التصنيف حسب « tajfel » سيرورة نفسية تهدف لتنظيم المحيط عبر عملية التصنيف و جماعة أشخاص، أشياء، أحداث، كما أن التصنيف الاجتماعي يتعلق بالإدراك الاجتماعي و يهدف إلى تنسيق و تنظيم البيئة الاجتماعية. و يلعب دورا في توجيه العقل و تحسين القيم، فما العلاقة إذن بين عملية التصنيف و التمثلات؟

            إن التصنيف الاجتماعي يحدد الطريقة التي تشكل بها التمتلات، أي تمثلات الفرد حول العالم الخارجي, لكن من جهة أخرى بعيدا عن الجانب الاجتماعي أي علاقة بين الاتجاهات، الإيديولوجيا و التمثلات؟

            في هذا السياق يرى "موسكو فيتشي" أن التمثلات كنوع من المعارف أو السيرورات المعرفية يمكن تمييزها عن الآراء و النماذج و الاتجاهات، لأن هذه الأخيرة ليست سوى ميكانيزمات معرفية جزئية، و بالتالي تشمل التمثلات الاتجاهات وأيضا الإديولوجيات، حيث أن هذه الأخيرة تقوم بدورين أساسيين، يتحدد الأول في الحفاظ على الانسجام و التوافق على صعيد المنظمات الاجتماعية، أما الثاني فيتعلق بخلق التناقضات و الصراعات على المستوى الشمولي الكلي، و بالتالي يكشف تصور علم النفس الاجتماعي للتمثلات عن خضوع هذا الأخير لسيرورة من التحولات و تدخل مجموعة من العوامل و المتغيرات، انتهت بتبني التمثلات الاجتماعية.

            أما بخصوص المحور الثالث من الفصل الأول، فتمت مقاربة تصور علم النفس المعرفي للتمثلات، و هو اتجاه عرف بدوره حضورا و تطورا مهما في مجال علم النفس الاجتماعي، و ذلك بفعل الاهتمام الذي خص به العملية الداخلية في طبيعتها المعرفية و العقلية لدى الإنسان. اد لم يتوقف عند تأثير البيئة الخارجية من أجل تفسير دينامية السلوك، و في هذا السياق فإن المبدأ الذي تؤكد عليه نظرية المجال يعتبر أن ما يحدد السلوك هو قبل كل شيء الطريقة التي يمثل بها الفرد العالم على المستوى السيكولوجي.

            و يرى "جريكو" أن التمثلات تم تناولها في السيكولوجيا باعتبارها كيانا وسطيا فمن أجل تفسير السلوك و الحالات الذهنية تحتاج السيكولوجيا إلى سيرورات وسطية بين الميتر و الاستجابة و هي التمثلات التي تعتبر حسب "جريكو" بمثابة تعويض داخلي، و بالتالي نحتاجه في مواجهة أحداث الماضي و المستقبل، و في هذا الصدد تأتي مساهمة "بياجي" من خلال مؤلفه "الصورة الذهنية" حيث يماثل بين الصورة و التمثل، إذ نجد أن التصور يرتبط مباشرة بموضوع هذه الصور.باعتباره شكلا من أشكال التمثل.

            و بالتالي إلى أي حد تهم دراسة التمثلات في إطار العملية التعليمية التعليمية؟

            لقد أبانت الأبحاث في مجال الديداكتيك عن أهمية تناول التمثلات، ذلك أن لها دور حاسم في عملية تقبلها أو رفضها، إذ تسهم المعارف القبلية في فهم و اكتساب المعلومات الجديدة، و أن هذه الأخيرة تندمج بشكل فعال في البنيات الذهنية الموجودة قبليا عند الأفراد، و بالتالي أضحى من الضروري الوقوف عند طبيعة تمثلات المتعلمين قبل الإقدام على أي نشاط ديداكتيكي، خاصة أن في أحيان كثيرة تتخذ التمثلات طابعا مقاوما، حيث يحدث أن الذات العارفة تبدي تمسكها و دفاعها عن تمثلاتها و تصوراتها، هذا لا ينفي أن التمثلات القبلية تشكل قاعدة مناسبة لاكتساب معارف جديدة. فالمتعلم ينطلق من تمثلات معينة إلى أخرى ذات قدرة تفسيرية أكبر، حيث أن الانطلاق من التمثلات من شأنه مساعدة التلاميذ على امتلاك المعارف و بناء المفاهيم، و هكذا يكون من واجب المدرس العمل على تقوية التمثلات الصادقة و دعمها، إذ يتم الانتقال من المعارف العادية إلى المعارف العلمية في إطار علاقة تفاعلية، تبدو أهميتها في القيمة التي تحتلها المعارف الأولية في بناء المعارف اللاحقة، لتوضيح هذه الفكرة نجد ان المتعلم العادي خارج المدرسة يكون مرتبطا بسياق واقعي محسوس، بينما في الوسط المدرسي يكون الأمر مغايرا، إذ تعلم المدرسة الكيفية و الطريقة التي ينبغي أن يعرف بها و بالتالي فالدور الرئيسي للمدرسة يتجلى في إخضاع نظام المعارف و بنية التمثلات الأولية للتحويل و التغير.

            مما سبق نستخلص أن للتمثلات دورا أساسيا في سير العملية التعليمية التعليمية و ذلك نظرا للمفارقة التي تنطوي عليها، فقد تكون عاملا ميسرا لسيرورة اكتساب المعارف الجديدة و بناء المعارف علميا وقد تمثل عائقا معرفيا،وأمام هذه الوضعية تبقى الاختيارات الديداكتيكية و البيداغوجية المعتمدة من طرف المدرس، المرجعية المسؤولة في التعامل مع هذه التمثلات إيجابا أو سلبا،و باطلاعنا على الفصل التاني الذي قارب دراسة ميدانية حيث انطلق من فرضيات، باعتبارها تشكل لحظة توجيهية أساسية في سير البحث لأنها تشكل الإطار الإفتراضي الذي يقوم بتأطير عمل الباحث، و إذا كان للفرضيات طابع استباقي، فإنها تبقى قابلة للتأكيد أو التكذيب. و عموما يمكن صياغة فرضيات البحث على الشكل التالي: إن تمثلات التلاميذ لمادة الفلسفة تندرج في إطار التمثلات المشتركة بين عموم الناس، و التي تقوم على أساس اعتبار الفلسفة نوع من التفكير المعقد، و الذي لا جدوى و طائل منه.

            إن تمثلات التلاميذ تضع مادة الفلسفة في مرتبة أدنى مقارنة مع باقي المواد خاصة العلمية، و ذلك إما لأسباب ترتبط بالطابع الإجرائي و المباشر لبعض المواد، أو الأسباب إيديولوجية /تيولوجية ترتبط بالثقافة السائدة في المجتمع، و فيما يخص طرق التحقق منها فقد اعتمد البحث على معطيات دراسة ميدانية استخدمت خلالها تقنية الاستمارة، بالإضافة إلى المعالجة الإحصائية لمعطياتها و تحليل نتائجها. ، حيث تم الاعتماد على عينة تلاميذ تضم ذكورا و إناثا موزعة على الشعب [الأدبية و العلمية] في محيط حضري، باعتباره مجالا لتفاعل معطيات سوسيوثقافية- مدينة تطوان- و سيحاول البحث في هذا المستوى عرض مجموع المعطيات المتعلقة بالسن، الجنس، التوزيع حسب الشعب و كذلك المسار الدراسي للتلاميذ، ذلك بغية الإحاطة بمجموع العوامل التي تحيط بالبحث دون نسيان المعطيات المتعلقة بالوسط السوسيو ثقافي و الاقتصادي لما لها من تأثير مباشر في تشكيل البنيات الذهنية- التمثلات- الخاصة بالمجتمع المدروس.

            إذ أفرز البحث في أن التلاميذ المستجوبين ينتمون لمحيط اجتماعي يتميز باندماج كبير، و بقدرته على أن يفرض على أعضاءه تمثلات منسجمة مع نوعية الثقافة السائدة في المجتمع، و بشكل عام فإن تمثلات المحيط الأسري و الاجتماعي للمستجوبين تعتبر إيجابية.

            - للتلاميذ القدرة على الانفتاح على المعطيات و الوقائع المعرفية المستجدةعلى محيطهم المباشر و خاصة المدرسة، نظرا لما تتيحه الإمكانيات المرتبطة بمستوى دخل الوالدين، و خاصة مستواهم الثقافي، كالاستفادة  من المستجدات التقنية و المعلوماتية و كذلك الإعلام، و متابعة المستجدات الثقافية و الفكرية.

            - للتلاميذ استعداد لاستقبال تمثلات جديدة، سواء كانت مطابقة  لتصوراتهم السابقة أو مخالفة لها.

            أما بخصوص معارف التلاميذ حول الفلسفة، فتم رصد طبيعة المعرفة القبلية التي ينهل منها التلاميذ سواء كانت معارف مؤسسة [كتب، مجلات...] أو آراء و مواقف رائجة داخل وسطهم الأسري و الاجتماعي، و بالتالي فقد عبر التلاميذ عن تمثلات إيجابية فيما يخص الفلسفة و أهميتها سواء باعتبارها مادة دراسية أو نمطا في التفكير، و كذلك عبر التلاميذ عن تمثلات سلبية اتجاه الفلسفة كمقرر مدرسي، و عن استيائهم من الطريقة التي تدرس بها.

            برز خلل واضح بين معارف التلاميذ حول الفلسفة و بين مواقفهم اتجاهها، حيث بينت المعطيات وجود معارف و تمثلات إيجابية عن الفلسفة، و في الوقت نفسه أبانت عن وجود مواقف سلبية عن الفلسفة كممارسة فعلية، مما يدفع إلى التفكير في ملائمة الطرائق البيداغوجية، بهدف الدفع بالعملية التعليمية التعليمية الخاصة بمادة الفلسفة.

            تبين من خلال نتائج البحث و المسار الذي قطعه في مقاربة تمثلات التلاميذ اتجاه مادة الفلسفة، أن للتمثلات أهمية أساسية فبدون الوعي بها، و بتأثيراتها المباشرة و غير المباشرة على الدرس الفلسفي، سيبقى هذا الأخير فاقدا لمحدد أساسي و هو اهتمام التلاميذ و فاقدا كذلك لآليات تجاوز التمثلات السلبية باعتبارها عائقا أمام تحقيق أهداف الدرس الفلسفي.

            و يمكن القول أنه يجب العمل على مستويين، يتحدد الأول في تكثيف البحوث حول التمثلات و ذلك بهدف الوعي بمختلف تمظهراتها و تأثيرها على عملية اكتساب المعارف، و المستوى الثاني يتحدد في العمل على مجاوزة العوامل التي تساهم في بلورة تمثلات سلبية حول الفلسفة، و هذا يقتضي تظافر جهود الفاعلين التربويين، و العمل على تنسيق العمل و تكثيف الجهود التربوية في هذا الاتجاه.

            و في هذا المستوى يمكن تقديم مجموعة من الاقتراحات، منها العمل على إدراج نصوص فلسفية أو نصوص تقارب قضايا فلسفية، و ذلك بمختلف أسلاك التعليم، حيث يمكن الاستفادة من التقارب الموجود بين مادة الفلسفة و بعض المواد الأخرى. كالتاريخ، العربية و الفرنسية، كذلك العمل على خلق جسور تربوية بين مادة الفلسفة و باقي المواد [ كالمواد العلمية، الرياضيات، علوم طبيعية...] تنهل من الإمكانيات المعرفية التي تتيحها الفلسفة، هذا دون نسيان العمل على تجاوز العوائق الذاتية لمادة الفلسفة،متل العمل على تبسيط اللغة المستعملة في مادة الفلسفة، و التركيز على الجوانب التي تثيراهتمام التلاميذ، و العمل على جعل مقرر الفلسفة أكثر إجرائية.

            و تبقى الإشارة إلى أن مواجهة التمثلات السلبية حول مادة الفلسفة عموما يتطلب تضافر جهود مؤسسات أخرى ذات صلة غير مباشرة بالعملية التعليمية كالإعلام و الجمعيات و العمل على استثمار و إبراز الجوانب التنويرية و الطاقات الخلاقة في مجال التفكير الفلسفي عموما.

 

 

مع تحيات موقع تفلسف

tafalsouf.com

---

من نحن | راسلونا | بحث

---

عودة إلى صفحة البحوث

---

رجوع إلى صفحة الاستقبال