في فضيلة التفلسف

" وكنت أبغي بعد ذلك  أن أوجه النظر إلى منفعة الفلسفة و أن أبين أنه ما دامت تتناول كل ما يستطيع الذهن الإنساني أن يعرفه ، فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من الأقوام المتوحشين و الهمجيين، و أن حضارة الأمم  و ثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها ، و لذلك فإن أجل نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هو أن يمنحه فلاسفة حقيقيين. و كنت أبغي أن أبين فوق هذا أنه بالنسبة إلى الأفراد، ليس فقط من النافع لكل إنسان أن يخالط من يفرغون لهذه الدراسة، بل إن الأفضل له قطعا أن يوجه انتباهه إليها و أن يشتغل بها، كما أن استعمال المرء عينيه لهداية خطواته و استمتاعه عن هذه الطريق بجمال اللون و الضوء أفضل بلا ريب من أن يسير مغمض العينين مسترشدا بشخص آخر..."           ديكارت


 

تلخيص بحث درس الفلسفة من منظور بيداغوجيا الكفايات

سعاد شبتيت

 

-          عرف النظام التعليمي بالمغرب في السنين الأخيرة، أزمة وتدهور لا مثيل له.      لذا   كان من الواجب إصلاح هذه المنظومة، و تمت صياغة ميثاق للتربية والتكوين يقر ببيداغوجية جديدة ورسمية يرى أنها كفيلة بتجاوز هذه الأزمة ،هي بيداغوجية الكفايات، هذه الأخيرة التي أصدرتها مديرية المناهج التابعة للوزارة بتاريخ يوليوز 2003، وقد تبنت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، بيداغوجيا الكفايات في مختلف المواد الدراسية بما فيها مادة الفلسفة، إلا أن الأخذ بهذه البيداغوجيا في إنجاز دس فلسفي يلقى مجموعة من الصعوبات منها:   أطرالتدريس غير مكونة في هذا المجال.

-          انعدام نماذج تطبيقية في الموضوع.

-          عدم ملائمة المقرر القديم لمادة الفلسفة مع البيداغوجيا الجديدة.

لذا يمكن أن نصوغ إشكال البحث في السؤال المحوري التالي:

-          كيف يمكن أجرأة بيداغوجيا الكفايات على مستوى الدرس الفلسفي؟

ينطلق هذا البحث في معالجته لهذه المشكلة من الفرضية التالية: وهي قابلية مادة الفلسفة للتكيف مع بيداغوجيا الكفايات، الكفيلة بمعالجة الصعوبات التي تعرفها المادة بالتعليم الثانوي التأهيلي والتي يمكن أن نذكر بعضها:

  • مرد ودية التلاميذ في مادة الفلسفة ضعيفة
  • اختلاف المدرسين الكبير سواء على مستوى إنجاز الدروس أو على مستوى تقويم إنجازات التلاميذ، ولأجل التحقق من مدى صحة هذه الفرضية، يعمد البحث إلى بناء جذاذات درس فلسفي مقرر بالتعليم التأهيلي بالاعتماد على ثلاثة مفاهيم تمثل السبل الكفيلة بتحقيق بيداغوجيا الكفايات وهي الوضعية المشكلة ،الوضعية التعليمية ثم البيداغوجيا الفارقية.

-          ويهدف هذا البحث إلى التعرف على الإطار المرجعي العام لبيداغوجيا الكفايات، تحديد مفهوم الكفاية والمفاهيم المرتبطة به أو القريبة منه.

-          إجراء مقارنة بين التدريس بالأهداف والتدريس بالكفايات.

-          الوقوف عند الكفايات الخاصة بالدرس الفلسفي بشكل عام.

-          أجرأة بيداغوجيا الكفايات عمليا من خلال وضع جدادة لتشغيل التلاميذ خاصة بدرس فلسفي مقرر بالتعليم الثانوي التأهيلي وأخرى خاصة بالتقويم وثالثة بالخطاطة العامة.

المبحث الأول: يتمحور حول طبيعة وحدود العلاقة بين الديداكتيك والدرس الفلسفي.

أولا: تعريف مفهوم الديداكتيك والذي ينحدر مصدر يوناني didaktikos الذي يعني enseigner أي علم،و يحددها قاموس لالاند الفلسفي بأنها الجرد من البيداغوجيا الذي يتخذ التدريس موضوعا له، ومن الناحية الإصطلاحية فالديداكتيك يعني مجموعة إجراءات التعليم والعمل.

ثانيا: علاقة الديداكتيك بالفلسفة أو الدرس الفلسفي. وهذا يقودنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات: ماذا يمكن أن تستفيده الفلسفة من الديداكتيك؟

أي تصورللفلسفة ولدرس الفلسفة يمكن الأخذ به إذا ما نحن انطلقنا من إمكانية قيام ديداكتيك الفلسفة؟

ونجد أنفسنا أمام موقفين من مسألة الديداكتيك، موقف متطرف يركز على مسألة الخصوصية، ويعتبر الديداكتيك غير مفيد للدرس الفلسفي، وموقف آخر متحمس لتدخل الديداكتيك في الفلسفة ويبرز ذلك بأن ليس للفلسفة ميزة خاصة تبرر استغناءها عن الديداكتيك، هذا التعارض بين الموقفين هو ما جعل ميشال توزي يدعو لحوار هادئ بين المتحمسين والرافضين لديداكتيك الفلسفة.

المبحث الثاني:

-          بيداغوجيا الأهداف مضمونها، أهدافها والانتقادات الموجهة لها.

السلوكية (اقتصارها على النظرية السلوكية في التعلم فقط، في حين لم تستند على (نظرية الجشطلت ، النظرية البنائية، النظرية المعرفية)، وهي تتميز بالتذرية والآلية والسطحية.

-          تعتبر الكفايات تصور تربوي بيداغوجي حديث، اقتحم مجال التربية والتكوين بعد أن أثبتت نجا عته في ميدان المقاولة والاقتصاد، ركيزته الأساسية تكيف الفرد مع محيطه المحلي، الإقليمي والكوني.

فالمدرس إذن، في حاجة إلى معرفة الخلفية النظرية لهذا التصور البيداغوجي الجديد والإحاطة بإطاره المرجعي السيكولوجي والتربوي والبيداغوجي والديداكتيكي لتطوير ممارسته التّعْلِيمِية التَّعَلُمِيّة. ففي الإمساك بالبعد النظري وضبطه، تطويرا للممارسة والفعل التربويين.

الفصل الثاني:

ثم الوقوف في هدا الفصل عند الإطار لمفاهيمي الذي ينتمي إليه مفهوم الكفاية من أجل تحديد معالمه وتمييزه بشكل دقيق عن المفاهيم القريبة منه مثل مفهوم القدرة، المهارة، الإنجاز والأداء... وهي مفاهيم ظلت إلى الأمس القريب متداخلة في بيداغوجيا الأهداف، وإن كان الإطار المرجعي والإطار المفاهيمي لبيداغوجيا الكفايات يصبان معا في المضمون النظري الصرف لهاته البيداغوجيا، فإن مبحث العوامل البيداغوجية الكفيلة بتحقيق الكفايات يمكن اعتباره الإطار الذي يتعرض إلى الشروط العملية وتحديدا إلى بعض أساليب التعلم الواجب الأخذ بها عند كل أجرأة لهاته البيداغوجية الجديدة.

 فقمنا بعرض السياق التاريخي الذي ظهر فيه مفهوم الكفاية، وهو ظهر لأول مرة في مجال المقاولات، وفي السبعينات من القرن العشرين في العديد من الجامعات الأمريكية ظهرت إستراتيجية تكوين المدرسين المبني على الكفاية.

-          مقارنة بين بيداغوجيا الأهداف وبيداغوجيا الكفايات.

-          إعطاء تعاريف متعددة لمفهوم الكفاية مثل تعريف تشومسكي، بييرجيلي p. Gillet، لوبوترف.

*مميزات الكفاية: تتميز بخاصية الحشد، خاصية الغائية، خاصية الصلة، خاصة هيمنة التخصص، خاصة التقويم، أنواع الكفايات، كفايات التقليد، التحويل، التجديد، الكفايات النوعية والممتدة.

 

المبحث الثالث:

            يستعرض العوامل البيداغوجية الكفيلة بتحقيق الكفايات كالوضعية التعلمية، العامل الذاتي للمتعلم، العامل الديداكتيكي، العامل التواصلي، الوضعية التعلمية في مادة الفلسفة، وضعية بناء ومعالجة إشكالات الدرس، وضعية دراسة النص، وضعية الكتابة الفلسفية، الوضعية المشكلة.

الفصل الثالث:

            يجيب لماذا الانتقال بدرس الفلسفة من بيداغوجيا الأهداف إلى بيداغوجيا الكفايات، ويقوم بعرض بعض الكفايات الخاصة بمادة الفلسفة من خلال المنهاج الجديد مثل كفايات تواصلية، كفايات استراتيجية، كفايات منهجية، كفايات ثقافية، كفايات تكنولوجية، الكفايات النوعية الأساسية في مادة الفلسفة، كالمناقشة الفلسفية، القراءة الفلسفية، الكتابة الفلسفية.

وفي القسم الميداني من خلال تعبئة بعض جذاذات الدرس الفلسفي من خلال بيداغوجيا الكفايات وهي جذاذة الخطاطة العامة، جذاذة تشغيل التلاميذ، جذاذة التقويم.

خلاصة

-         خلص هذا البحث إلى مجموعة من النتائج نذكر منها ما  يلي:

-          بيداغوجيا الكفايات أنسب للفلسفة من بيداغوجيا الأهداف، وذلك لارتكاز مادة الفلسفة على مهارات عقلية عليا، يتطلب تحقيقها مدة زمنية طويلة نسبيا.

-          الأخذ ببيداغوجيا الكفايات في بناء درس الفلسفة، يستوجب بالضرورة إصلاح الوضعية التربوية الحالية، وإلا فإن إنزالها في غياب شروط تربوية مؤسسة مناسبة سيؤدي حتما إلى تشويه الفلسفة كمادة تعليمية وإفراغها من كل مغزى لذا وجب:

-          إعادة النظر في مفهوم الكتاب المدرسي.

-          ضرورة تغيير أساليب التقويم (الإنشاء الفلسفي) لتتناسب مع البيداغوجيا الجديدة التي تركز على الاستراتيجيات المتبعة لحل المشكلات أكثر من المعارف التي تم تداولها.

-          مد الجسور بين مادة الفلسفة وباقي المواد التعليمية.

 

 

مع تحيات موقع تفلسف

tafalsouf.com

---

من نحن | راسلونا | بحث

---

عودة إلى صفحة البحوث

---

رجوع إلى صفحة الاستقبال