في فضيلة التفلسف

" وكنت أبغي بعد ذلك  أن أوجه النظر إلى منفعة الفلسفة و أن أبين أنه ما دامت تتناول كل ما يستطيع الذهن الإنساني أن يعرفه ، فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من الأقوام المتوحشين و الهمجيين، و أن حضارة الأمم  و ثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها ، و لذلك فإن أجل نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هو أن يمنحه فلاسفة حقيقيين. و كنت أبغي أن أبين فوق هذا أنه بالنسبة إلى الأفراد، ليس فقط من النافع لكل إنسان أن يخالط من يفرغون لهذه الدراسة، بل إن الأفضل له قطعا أن يوجه انتباهه إليها و أن يشتغل بها، كما أن استعمال المرء عينيه لهداية خطواته و استمتاعه عن هذه الطريق بجمال اللون و الضوء أفضل بلا ريب من أن يسير مغمض العينين مسترشدا بشخص آخر..."           ديكارت


 

  تلخيص بحث التواصل في درس الفلسفة

مصطفى بلخيري

 

يتكون هذا البحث من شقين شق نظري ويضم ثلاث فصول، الفصل الأول مرتبط بمقدمات عامة حول البحث ثم الفصل الثاني وفيه تم تحديد المفاهيم المرتبطة بموضوع البحث ثم الفصل الثالث وهو معنون بحضور التواصل في درس الفلسفة وشق ميداني تم فيه التطرق إلى العلاقة بين الأستاذ والتلميذ ثم العلاقة بين الإدارة من جهة والأستاذ من جهة أخرى، ثم خلاصات واقتراحات وأخير يضم ملحقا بأسئلة المقابلة الخاصة بالأستاذ وأسئلة المقابلة الخاصة بالإدارة وأسئلة المقابلة الخاصة بالتلميذ وأخيرا نماذج من المقابلات.

الفصل الأول:

1-تقديم عام: وفيه تم التطرق إلى أهمية التواصل لدى الإنسان حيث بواسطته يستمد الإنسان قوته واستمراره في الحياة، كما أنه حاجة نفسية ضرورية، على هذا الأساس فالتواصل نشاط تلقائي موجه نحو تحقيق مجموعة من الأهداف من بينها: - اكتشاف الذات ومعرفة العالم المحيط بالذات إلى غير ذلك وعندما نتحدث عن المدرسة فإن التواصل يحضر بشكل مهم وذلك من داخل شبكة العلاقات التي تؤسس المنظومة التربوية، وهذا ما جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين حيث يؤكد على ضرورة ربط المدرسة بمحيطها السوسيوقتصادي،  وعندما ننتقل إلى الفصل الدراسي "فالتواصل التربوي" يتخذ مجموعة من العلاقات، علاقة التلميذ بالأستاذ، علاقة الأستاذ بالمدير...، كما أن الفصل الدراسي يعتبر مجتمعا مصغرا تبرز فيه بوضوح مختلف التجارب والممارسات، سواء كانت علاقات اجتماعية أو معارف أو ردود أفعال.

وكما هو الشأن بالنسبة لباقي التخصصات فالدرس الفلسفي كذلك يهدف إلى ربط أشكال التواصل من داخل الفصل الدراسي وذلك بالاعتماد على كل طرق التدريس المتاحة.

2- إشكالية البحث:

- تتلخص إشكالية هذا البحث في مسألة "التواصل" في الدرس الفلسفي بالثانوي، أي ما مدى حضور التواصل في درس الفلسفة، أشكاله، أطرافه ومعيقاته؟ ما هي الأشكال الضرورية لتحقيق التواصل الفعلي؟ كيف يتحدد التواصل في الفصل الدراسي؟

3- تقنية البحث:

تم اعتماد المقابلة النصف موجهة واعتمادها دون غيرها لجعل المستجوبين على صلة مباشرة بمعيشهم، وتحريرهم من الجانب "التصنعي" الذي تخلقه الاستمارة، وقد تم التطرق في المقابلات لتمثلات التلاميذ، والأساتذة والإدارة لمادة الفلسفة.

4- عينة البحث:

تضم عينة البحث لثلاث ثانويات، ثانوية الحسن الثاني والشريف الإدريسي والقاضي عياض بتطوان، ونظرا للعدد المرتفع تم فرز العينة وهي تضم ممثلو الإدارة (مدير – حارس عام) وأساتذة الفلسفة والتلاميذ، ثم توزيع التلاميذ على المستويات الدراسية الثلاث (الجذع المشترك، السنة الأولى، السنة الثانية).

5- صعوبة البحث:

اعترض الطالبين الأستاذين مجموعة من الإكراهات الذاتية والموضوعية ومن بينها:

-         ضغط الالتزامات تجاه المواد الدراسية الكثيرة بمؤسسة التكوين، ضيق المجال الزمني المخصص لإنجاز البحث.

-         في الجانب الميداني، صعوبة إقناع إدارة بعض الثانويات بالسماح لإجراء المقابلات.

-         بعض الظروف الذاتية المتعلقة بالسكن والمعيش بمارتيل.

II-الفصل الثاني: التحديد المفاهيمي

1- التواصل، مفهوم واسع ومتعدد الدلالة ملتبس، ولتجاوز ذلك لابد من تحديده.

- في اللغة: مثلا في لسان العرب "وصل الشيء وصلا وصلة، والوصل ضد الهجران والوصل خلال الفصل، واتصل الشيء بالشيء لم ينقطع وتوصل إليه وبلغه وصل إليه إذا انتمى. والمصدر من وصل الشيء وصلا وصلة أي وصل = ربط = جمع = انتهى، والتواصل ضد التصارم..."

أما في اللغة الفرنسية فإن مصطلح، communication في التعريف الوارد بالمعجم Petit Robert "التواصل هو الإبلاغ والاطلاع عليه أي نقل خبر من شخص إلى آخر وإخباره به واطلاعه عليه..."

- هكذا فالتواصل يشترط اثنين على الأقل لإقامة عملية التواصل، إلا أن هذا التواصل قد يكون غير تام في بعض الأحيان وهذا ما يطرح التساؤل، ما هي العناصر الضرورية لحدوث فعل التواصل بين الأفراد.

- في الاصطلاح:

- على مستوى تاريخية المفهوم فإننا نجذ أن استعماله كان منذ القدم، لأن الإنسان "كائن اجتماعي بطبعه" لا يستطيع العيش بمفرده ومنعزلا عن العالم فهو يربط علاقات متعددة بواسطتها تستمر حياته. "سيرورة التواصل على العموم هي مجموع العمليات الفيزيائية النفسية الثقافية والاجتماعية، التي يتم بواسطتها ربط علاقة بين نظام البث ونظام الاستقبال..."

- أما معجم علوم التربية فيعتبر أن "العملية التواصلية فعل، ويقوم هذا الفعل على نقل المعلومات من مصدر إلى هدف ويتحقق بين فردين أو مجموعة من الأفراد.

- انطلاقا من كل هذه التعاريف.

- التواصل جوهر العلاقات الإنسانية.

- التواصل نشاط إنساني مركب ينطلق من علاقة الانفتاح مع الآخر.

في البيداغوجيا:

- التواصل مهم وخاصة عندما يتعلق الأمر في المؤسسات والقطاعات، وخاصة قطاع التربية والتكوين حيث نجد -1- تفاعلات وعلاقات متبادلة بين مدرس وتلاميذ -2- سياق للتواصل البيداغوجي و 3- وظيفة التواصل البيداغوجي التي قد تكون للتبادل أو التبليغ أو التأثير.

2- درس الفلسفة:

- لعل أقدم طريقة في تدريس الدرس الفلسفي ترجع إلى الفيلسوف اليوناني سقراط الذي كان ينطلق من مبدأ الجهل ثم محاولة توليد الأفكار على اعتبار أن المعرفة تذكر والجهل نسيان: "الحوار السقراطي".

-أما على المستوى الوطني فإن "منهاج الفلسفة والفكر الإسلامي" الصادر سنة 1997 الذي يحدد الأهداف العامة التي ترسمها الدولة لتكوين "المواطن الصالح" وأيضا الطرق والوسائل المعتمدة من أجل بلوغ الهدف وهو تقويم المنهاج قصد تصحيح الثغرات، وتقليص الفوارق بين المتوخى من العمل والنتائج المتحققة بعد إنجازه، من هنا، إذا كانت المدرسة تقوم بعملية التطبيع فكيف تتصور المؤسسة التربوية درس الفلسفة بالتعليم الثانوي؟ وما هي الأهداف المراد تحقيقها؟

- انطلاقا من "منهاج الفلسفة والفكر الإسلامي" الذي يمثل الخطاب الرسمي للوزارة ومن منطلقاته أن:

- التلميذ المستهدف بدرس الفلسفة يتميز بكونه:

       - نتاجا لتنشئة اجتماعية مغربية عربية وإسلامية.

       - مراهقا يتميز من الناحية الوجدانية بالقلق.

       - مكتسبا لجملة من المعارف والمهارات المنهجية والتواصلية.

- منذ 1971 اعتمدت الوزارة الوصية دراسة "المفاهيم" كبرنامج لمادة الفلسفة نظرا لما يتميز به المفهوم من عمومية والتباس.

- خلال الموسم الدراسي 2001-2002 عمدت الوزارة على إصدار جذاذات بيداغوجية من أجل التربية على حقوق الإنسان في مادة الفلسفة.

- موسم (2004-2005) كراسة تتعلق بمفاهيم مدونة الأسرة في منهاج الفلسفة يبدأ العمل به مع صدور المقررات الجديدة في مادة الفلسفة والفكر الإسلامي.


 

الفصل الرابع: الجانب الميداني

تقديـم:

-داخل المجال التربوي هناك ثلاث مكونات أساسية: الأستاذ – التلميذ – الإدارة، حيث نجد بأن التلميذ ليس له دور الفعل أما الأستاذ فدوره هو تحمل المسؤولية الأخلاقية في علاقته بالتلميذ ومسؤولية إدارية مهنية في علاقته بالإدارة، أما هذه الأخيرة فتتحمل مسؤولية تنظيم العلاقة بين الأستاذ والتلميذ، لكن هذا الثالوث على المستوى النظري يظهر لنا أن هناك علاقات طبيعية بين هذه المكونات، لكن على مستوى الميدان يظهر لنا أن هذا المستوى النظري يكشف عن مجموعة من النقائص والمرتبطة أساسا بذوات هذا الثالوث، وللكشف عن حقيقة الأمر لابد من الخروج إلى الميدان لتبيان حقيقة الوقائع، وقد تم تحديد مجال البحث في الثانوية المغربية – نموذج تطوان – والهدف من ذلك هو الكشف عن الخطاب التربوي من جهة وعلاقته بالممارسة.

1- العلاقة: أستاذ – تلميذ

- نحن هنا بصدد العلاقة البيداغوجية بين الأستاذ والتلميذ في إطار "التعاقد البيداغوجي" هذه العلاقة تخضع لمستوى الوعي بين الشركاء التربويين وبالتالي تتحكم في التواصل التربوي.

- تتحدد أنماط التواصل في مستويين:

- مستوى رسمي: يحدد الأدوار ونوعية العلاقات التي لابد من الالتزام لهذا يعتبر القسم مجالا لعلاقات التأثير والتأثر.

-من هنا لا يمكن أن نفصل بين التواصل الرسمي وغير الرسمي، حيث أن التواصل الوجداني يتخذ دورا من خلاله يتم تبادل العلاقة بين الأستاذ والتلميذ في إطار التأثير والتأثر. أما المؤثرات الخارجية التي تساهم في دينامية التواصل داخل القسم، فتتمثل في نوعية التواصل الموجود بين المدرسة ومحيطها العام، أما المؤثرات الداخلية، فترتبط ببنية المادة التعليمية، ومستوى القدرات المعرفية للمتعلمين، والعلاقات الوجدانية (الجانب السيكولوجي) والتنظيم المادي للمجال: (مجال القسم الدراسي، ترتيب المقاعد...)

الجانب الميداني:

قام الطالبان بمجموعة من المقابلات مع التلاميذ ومع بعض الآباء، ومجمل هذه المقابلات، كشفت عن النظرة السلبية التي لدى التلاميذ بخصوص مادة الفلسفة، فهناك من اعتبرها كلام لا علاقة له بالواقع الذي يعيشه الإنسان وهناك من ينظر إليها كمادة للحفظ وبالتالي فهاجسه هو أن يحصل على نقطة تخوله الانتقال إلى مستوى آخر.

أما آراء الآباء فتنوعت نظرا للمستوى المعرفي لكل أب حيث نجد آباء لهم تصور إيجابي للفلسفة وآباء لهم آراء محايدة حولها وأخيرا هناك من يرفض رفضا كليا للمادة.

- الإدارة هي التي تسهر على تحديد الأهداف وتنفيذها وفق منهجية عامة، كما توفر مختلف الموارد البشرية الضرورية لتحقيق الأهداف، وتتوزع أنماط الإدارة على ثلاث مستويات:

- المستوى الوطني، الوزارة الوصية.

- المستوى الجهوي والإقليمي، النيابات والأكاديميات.

- المستوى القاعدي أو التنفيذي: المؤسسات التعليمية وهي حلقة الوصل بين الأستاذ والتلميذ.

أنواع العلاقات:

- الإدارة هي الطرف الثالث في الثالوث التربوي، وتمثل الجانب المؤسساتي وهي القاعدة المشتركة للتواصل التربوي بيد الطرفين، وعموما فالإدارة التربوية تعمل على جمع الفاعلين (مدرس – تلميذ) وتوحيد الممارسات داخل الفصل التعليمي.

 

الجانب الميداني:

- جل المقابلات التي تم القيام بها تؤكد على علاقة الاحترام بين الإدارة والأستاذ، فكل له دوره لابد من القيام به من أجل تفادي بعض المشاكل بين الطرفين.

خلاصات:

- في إطار موضوع البحث وهو "التواصل في درس الفلسفة" خرجا الطالبين الأستاذين بمجموعة من الخلاصات:

- علاقة التلاميذ بالأستاذ يحكمها الجانب النفعي (الحصول على النقطة في الامتحان).

- طبيعة العلاقة بين الأستاذ والتلميذ متوترة وهو ما يفقد الفلسفة مضمونها.

- علاقات الأساتذة والتلاميذ بالإدارة التربوية يحكمها هاجس الانضباط.

اقتراحـات:

- تشجيع الأستاذ لتلاميذه على طرح أفكارهم.

- استغلال اهتمامات التلاميذ الإعلامية "الإنترنت" في بعده التعليمي.

- العمل على تبسيط الخطاب المدرسي باستعمال لغة واضحة ودالة بدل الاستغراق في التجريد.

خلاصة عامة:

- إن الوضع التربوي الذي تعيشه الفلسفة أو الدرس الفلسفي بالثانوية المغربية، محرج وإشكالي لأن الفلسفة في جوهرها تسائل البداهات وتطرح الإشكالات من أجل تمثلها وبعد ذلك استيعابها وأيضا فالفلسفة باعتبارها فضاءا للنقاش والحوار من أجل تحقيق التواصل، كل هذه الأمور لا نجدها في الفصل الدراسي كما بينت الأبحاث الميدانية، وقد يكون ثقل البرنامج والمقررات أحد الأسباب الحقيقية لذلك.

الملحق:

يحتوي هذا البحث في آخر صفحاته على أسئلة المقابلات وأيضا نماذج من المقابلات.

 

 

مع تحيات موقع تفلسف

tafalsouf.com

---

من نحن | راسلونا | بحث

---

عودة إلى صفحة البحوث

---

رجوع إلى صفحة الاستقبال