تقديم:
تأتي الكتابة الانشائية الفلسفية كلحظة تقويمية غايتها العمل على بناء
التعلمات وادماجها من خلال وضعيات دالة . كما تعتبر القدرة على ادماج هذه
التعلمات مؤشرا على امتلاك الكفاية المستهدفة ، أي صياغة موضوع فلسفي
متكامل ، يخضع لشروط و معايير الكتابة الفلسفية ، استادا الى احدى الصيغ
التقويمية الثلاث ، الشيئ الذي يستدعي من المتعلم تعبئة مجموعة من
الموارد و المهارات و هو ما يتطلب امتلاك مجموعة من القدرات المعرفية و
المنهجية و اللغوية .
هذه العملية المركبة تطرح عدة معيقات تمس جوانب مختلفة تظهر على
انتاجات المتعلمين لحظة التقويم مما يستدعي تشخيصها وابراز الصعوبات التي
تعترضها ، في أفق إيجاد سبل لتحسينها ....
كل هذا يدفعنا الى بسط جملة من التساؤلات
:
ــ ما هو واقع الكتابة الانشائية الفلسفية لدى تلاميذ
السنة
الثانية بكالوريا ؟
ــ ما هي العوائق التي تحول دون كتابة انشائية فلسفية
متكاملة
،و ما هي سبل تحقيقها ؟
الكتابة الفلسفية الإنشائية
:
وقائع عينيــة
شملت هذه الدراسة
عينات من الفروض المحروسة الخاصة بتلاميذ السنة الثانية بكالوريا ، مسلكي
الاداب و العلوم الإنسانية ، والعلوم التجريبية و الفيزيائية . وذلك بالاعتماد
على متغير المسالك و معدل النقط ، حيث تم تقسيم هذه العينات الى ثلاث فئات
: الفئة الأولى
: من )
00 الى
10 ( . الفئة الثانية
: من
)
10 الى
15 ( . الفئة الثالثة
: من)
15 الى
20 ( ، كما تبين الدراسة
الاحصائية التالية.
مسلك العلوم
التجريبية و الفيزيائية
الفئات |
xi
|
(0- 10)
|
(10-15)
|
(15-20)
|
الحصيص
|
ni |
34 |
48 |
2 |
الحصيص المتراكم
|
NI |
32 |
80 |
82 |
التردد
|
fi |
0.41 |
0.58 |
0.02 |
النسبة المئوية
|
pi
|
٪ 41 |
٪ 58 |
٪ 2 |
مسلك العلوم الآداب
و العلوم الإنسانية
الفئات
|
xi |
(0 - 10) |
(10- 15) |
15) ـــــ 20
( |
الحصيص
|
ni |
31 |
44 |
2 |
الحصيص المتراكم
|
NI |
31 |
75 |
77 |
التردد
|
fi |
0.40 |
0.75 |
0.02 |
النسبة المئوية
|
pi |
٪ 40 |
٪ 57 |
٪ 2 |
تظهر هذه النسب
التي شملت 159 تلميذا موزعة على مسلك الاداب و العلوم الانسانية و مسلك العلوم
الفيزيائية و علوم الحياة والارض، النتائج التالية
:
·
رغم اختلاف الحيز
الزمني و معامل المادة بين مسلكي العلوم و الاداب و العلوم الانسانية ، فليس
هنالك فارق في المعدلات المحصلة حسب الفئات
:
ــ الفئة الاولى
:
٪ 41 مسلك العلوم ف وع الحياة
والارض.
٪ 40 مسلك
الاداب و ع الانسانية.
ــ الفئة الثانية
:
٪ 58 مسلك العلوم ف وع الحياة و الارض.
٪57 مسلك الاداب و ع
الانسانية.
ــ الفئة الثالثة
:
٪02 مسلك العلوم ف و ع الحياة و الارض.
٪ 02 مسلك الاداب و ع
الانسانية .
·
هيمنة المواضيع ذات
الطبيعة المتوسطة الى الحسنة ، تليها الكتابة ذات المستوى دون المتوسط الى
المتوسط مع ندرة المواضيع ذات المستوى الجيد .
·
يتضح من خلال
المعطيات المسجلة ، اننا امام ثلاث نماذج من الكتابة الفلسفية ، موزعة حسب
الفئات ، يمكن تحديدها بالمميزات و الخصائص المدرجة في الجدول ااتالي
:
نموذج النص للتحليل و المناقشة.
التقويم
الكمي للموضوع |
التقويم
النوعي للموضوع
|
خصائصه و
مميزاتــــه |
الفئة الاولى |
مواضيع ضعيفة الى متوسطة |
ـ غياب
تحديد موضوع النص ـ سوء الفهم
ـ غياب
الإشكال أو عدم وضوح عناصره
ـ أطروحة لا
تعبر عن مضون النص
ـ تكرار
افكار النص دون تحليلها
ـ أفكار غير
منظمة و غياب الاليات الحجاجية و الروابط المنطقية
ـ تركيب لا
ينسجم ونتائج التحليل و المناقشة
ـ أخطاء
لغوية ومعرفية ، أسلوب ركيك ، شح المعطيات و ندرتها .....
|
الفئة الثانية
|
مواضيع متوسطة الى حسنة |
أ ـ مواضيع متوسطة الى لابأس بها
:
ـ ملامسة
موضوع النص من خلال التمهيد
ـ حضور
عناصر الإشكال ، على مستوى المضمون مع غياب صياغة صحيحة لعناصره .
ـ ملامسة
اطروحة النص مع إغفال بعض جوانبها
ـ العجز عن
توظيف الحجج بشكل منتظم ...
ـ مناقشة
مختصرة لا تفي بالمطلوب .
ـ تركيب
لابأس به من حيث المضمون ، يحتاج الى بعض التعديلات
ـ اسلوب
بسيط لا يخلو من اخطاء لغوية و تركيبية
ب ـ مواضيع مستحسنة الى حسنة:
ـ تحديد
موضوع النص
ـ صياغة
عناصر الاشكال و تمفصلاتها من خلال أسئلة متنوعة
ـ صياغة
الاطروحة صياغة ملائمة .
ـ تحليل
عناصر الاطروحة و الشبكة المفاهيمية .
ـ عرض
الحجاج مع إغفال بعضه
ـ مناقشة
اطروحة النص انطلاقا من مواقف ملائمة وذلك بايجاز
ـ تركيب
ببرز مجهود التلميذ الشخصي .
ـ حضور بعض
المعوقات اللغوية و التركيبية.
ـ غياب
الجوانب الابداعية.....
|
الفئة الثالثة |
مواضيع جيدة
|
ـ فهم جيد
للنص و تحديد مضمونه بدقة
ـ إشكال يستجيب لطبيعة الموضوع ، بشكل
متمفصل و دقيق
ـ صياغة اطروحة تغطي المضمون العام للنص
ـ تحليل الاطروحة و بيان مفاهيمها الاساس مع
الوقوف عند الحجاج
ـ مناقشة تعتمد استحضار تصورات فلسفية
مناسبة
ـ تركيب ينسجم و نتائج التحليل و المناقشة
ـ استحضار امثلة و استشهادات مناسبة
ـ بعض الاخطاء اللغوية و التركيبية التي
يمكن تجاوزها
|
السؤال
الاشكالي المفتوح
التقويم
الكمي للموضوع
|
التقويم
النوعي للموضوع |
خصائصه و
مميزاته
|
(0- 10)
|
مواضيع ضعيفة الى متوسطة
|
ـ غياب
إدراك موضوع السؤال وتأطيره في سياقه العام
ـ عدم
ابراز عناصر الاشكال
ـ تحليل
يخلو من المضامين المعرفية
ـ أفكار
غير مترابطة، لا تخضع للتسلسل المنطقي و الروابط المناسبة
ـ غياب
استحضار مواقف للمناقشة بل توظيف مواقف، أحيانا غير
مناسبة
ـ غياب
التركيب ، وان وجد لا يكون منسجما مع التحليل والمناقشة
ـ أخطاء
لغوية ، أسلوبية ، تركيبية ، معرفية و تنظيمية ...
|
( 10- 15) |
مواضيع متوسطة الى حسنة
|
أ ـ مواضيع متوسطة الى لابأس بها
ـ ابراز عناصر الاشكال مع عدم التوفق في
صياغتها بدقة
ـ تحليل يفتقر الى نفس ، مع حضور
الاستطراد و التكرار
ـ مناقشة تكون احيانا باهتة تقتصر على
إيراد المواقف
)
دون مناقشة(
ـ تركيب مركز ومختصر ينحو الى العموميات
ـ اخطاء لغوية و تركيبية
ب ـ مواضيع ذات مستوى مستحسن الى حسن
ـ فهم المجال الاشكالي للسؤال و تأطيره
ضمن سياقه العام
ـ إشكال يستجيب لخصائص ومميزات الصياغة
الإشكالية و يكشف عن الجوانب المضمرة في السؤال
ـ تحليل يستحضر التصورات و المواقف
المناسبة مع ترتيب منطقي للأفكار و إيراد الحجاج المفترض
ـ مناقشة تستجيب لمقتضيات الموضوع
بحضور نوع من السجال بين المواقف التي تنسجم و التصور المتضمن في
السؤال و الأخرى المعارضة
ـ تركيب يتضمن خلاصة مكثفة لما تم
تناوله في التحليل و المناقشة
ـ غياب الجوانب الابداعية و الانفتاح
على موارد معرفية أخرى ،
كالأدب والفن....
|
( 15 - 20 ) |
مواضيع جيدة |
ـ فهم
المجال الاشكالي للسؤال و تأطيره ضمن سياقه العام و بناء تمهيد
مناسب
طرح
الاشكال و مفصلته الى عناصره الجزئية و الفرعية
ـ
تحليل قائم على أفكار مرتبة ومنظمة وفق تسلسل منطقي و روابط منطقية
مناسبة مع ذكر الحجاج المتضمن في السؤال
ـ
مناقشة قائمة على البعد السجالي/
التقابلي بين المواقف
ـ تركيب
ينسجم و معطيات التحليل و المناقشة
ـ
احترام الجوانب الشكلية و الاسلوبية
ـ
الانفتاح على الواقع المعيش ، بإدراج
امثلة و استشهادات ملائمة
|
عوائق الكتابة الانشائية الفلسفية
تعد الكتابة الفلسفية لحظة تركيبية ،
متكاملة تدمج فيها مختلف القدرات و الاستراتيجيات المكتسبة ، من خلال أنشطة
التعلم . وتأتي أهمية التقويم في انه يتخذ بعدا جزائيا يترجم الى تقدير كمي ،
لتهييئ التلاميذ و إعدادهم للتقويم الإجمالي وهذا ما يعبر عنه
ميشيل توزي
قائلا :
«
التقويم اداة لمراقبة الجواب المؤسساتي الذي تتطلبه التربية . إنه ضرورة
اجتماعية في نظر الأسر [...] كما أن له بنوع خاص، دورا بيداغوجيا هو الذي يهمنا
هنا [...] حيث يكون التقويم دعما لتعلم التلميذ من خلال تملك معايير النجاح و
نهج التأهيل ، هذا بالإضافة الى انه يضبط الممارسة الديداكتيكية للمدرس
»
1 . و لما كانت الكتابة الانشائية احدى أهم الكفايات النوعية لمادة الفلسفة و
جدعا مشتركا للكفايات الأخرى فإنها تطرح مجموعة من الصعوبات البنيوية التي يمكن
تصنيفها الى ثلاث أنماط
:
أـ صعوبات معرفية:
يتطلب الاختبار في مادة الفلسفة كتابة مقالية
دقيقة و منظمة ، تستدعي حشد و تعبئة التعلمات المنتظمة السابقة ، وتكييفها مع
السؤال المطلوب بشكل مفصلي يستجيب للخطوات المنهجية المنصوص عليها في التوجيهات
الرسمية ... وعليه تشكل لحظة التقويم الاجمالي ، لبنة اساسية يعيد المتعلم من
خلالها هيكلة مكتسباته المعرفية و حسن تدبيرها الشيئ الذي يفترض ضبطا شاملا
للمواقف ، التصورات الفلسفية ، تصنيفها ، إدراك حجاجها و الأخذ بالخيط الناظم
لترابطاتها ، يتعلق الأمر ب 72 موقفا فلسفيا بالنسبة للمسالك العلمية و 108
بالنسبة لمسلك الآداب والعلوم الانسانبة ، مما يتطلب توظيف قدرات التحليل و
التركيب و التأويل، النقد ، المقارنة ، التمييز ، التصنيف و الترتيب ، في حيز
زمني محدود مما يطرح مشكلة الخلط بين المواقف و التصورات لاعتماد نمط المراجعة
الخطي القائم على الحفظ و الذاكرة و العشوائية في مراجعة السؤال ، وهذا يحيلنا
على المشاكل المنهجية .
ب ـ صعوبات منهجية
:
تخضع المادة المعرفية لخطوات منهجية ، يعمل
الإطار المرجعي للامتحان الوطني الموحد للسنة الثانية من سلك البكالوريا على
توحيدها بغية موضعة الكتابة الفلسفية و تقويمها بشمل موضوعي ، يستجيب لطبيعة
المادة من جهة ولمتغيرات النسق التعليمي من جهة أخرى . وتتحدد مقاصد الدرس
الفلسفلي في العناصر التالية
:
·
مهارة الاشكلة
·
مهارة المفهمة
·
مهارة المحاجة
فكان لزاما إتباع منهجية دقيقة و منظمة تختلف باختلاف
صيغة الامتحان مع حفاظها على الثوابت التالية
:
الفهم ، التحليل ، المناقشة ، التركيب ، غالبا ما يخلط المتعلم بين مراحلها و
لا يبرز تمفصلاتها ، كتقديم المناقشة على التحليل أو الصياغة غير الموفقة
للإشكال أو عدم الالتزام بتناول الأسئلة المطروحة عند تحليل عناصر الاشكال ،
أو تركيب لا ينسجم و المعطيات المطروحة...
ج ـ صعوبات شكلية
:
يتعلق الأمر باللغة باعتبارها وسيلة و اداة
لتفريغ الجوانب المعرفية و التعامل مع احدى الصيغ لحظة التقويم الاجمالي
النهائي ، فاللغة كما ذهب الى ذلك هيدغر مسكن للوجود ، عبرها يحقق المتعلم ذاته
، وبالتالي فصياغة كتابة جيدة يستلزم التلميح الى ما يعترضه من عوائق لغوية ،
يتم إدراجها كالتالي
:
ـ أخطاء نحوية و صرفية
ـ أخطاء املائية
ـ اخطاء تركيبية
ـ إغفال علامات الترقيم و غياب الاخراج الجيد على
المستوى التنظيمي لورقة التحرير
ـ التوزيع اللامنتظم للحيز الزمني مما يترتب عنه تفريغ
للمعلومات بخط تصعب قراءته
سبـــــل التأهيــــــل
إذا كانت المقالة الفلسفية وسيلة اساسية للتقويم
التكويني المدرسي فانها تعد اداة بيداغوجية فعالة للتعلم و تأهيل الناشئة على«
التفكير العقلاني المنفتح و التباعد النقدي مع المواقف والتحلي بروح المسؤولية
و السلوك المدني
» 2 الشيئ الذي يفترض خلق شروط ديداكتيكية تروم
تحقيق الاهداف التالية
:
1«
تطوير قدرات المتعلمين القرائية على المستويات التالية
: الفهم ــ سرعة القراءة ــ تنويع استراتيجية
القراءة حسب المقروء و معالجة قراءة النصوص الديداكتيكية بشكل خاص .
2 ـ تحسين و تنويع الإنتاج الكتابي للمتعلمين
3 ـالتنظيم المنهجي لبعض الجوانب التي ما زالت تطرح
مشاكل كثيرة ، كالتركيب مثلا
4 ـ توسيع و اغناء الرصيد المعجمي للمتعلمين
5 ـ معالجة بعض تقنيات العمل الضرورية في عملية التكوين
و القابلة للتحويل داخل الفصول ، كالبحث عن المعلومات و اخذ النقط والتلخيص
».3
6 ـ تمارين تسمح بتقييم درجة تحقق الاهداف المتوخاة ،
ويكون تصحيحها مناسبة لتشخيص العوائق و رسم استراتيجيات لعلاجها
7 ـ التحسيس باهمية الخطا في بناء المعرفة كما هو الشان
بالنسبة للمعرفة باعتبارها مجموعة اخطاء تم تصحيحها
8 ـ تخصيص حصص للدعم المنهجي
9 ـ القيام بعروض جماعية تعالج احدى المفاهيم المقررة
10ـ تعديل الغلاف الزمني المخصص بكيفية تنسجم و المحيط
السوسيوثقافي للتلميذ [ البداية الفعلية للسنة الدراسية و نهايتها ]
11ـ اقتراح جذاذات للتقويم و الانفتاح على الابحاث
الدوسيمولوجية المتعلقة بالمادة .
خاتمــة
تاسيسا على ما سبق يمكن الاقرار بان البحث في امر
الكتابة الانشائية الفلسفية لدى تلاميذ السنة الثانية من سلك البكالوريا ، بحث
تكتنفه مجموعة من الصعوبات ، منها ما يرتبط بطبيعة المادة و منها ما له علاقة
بالتلميذ
) المتغير
السوسيوثقافي والنفسي
( و
منها ما يرتبط بطرائق التقويم الشيئ الذي يترتب عنه ان الباحث يجد نفسه امام
مشكلة بنيوية تتداخل في تكوينها سلسلة من العناصر ، تشمل الجوانب المعرفية و
الديداكتيكية ، و هذا يفرض على مدرس مادة الفلسفة الضبط المعرفي و المنهجي و
الانفتاح على الابحاث الدوسيمولوجية المعاصرة ...