في فضيلة التفلسف

" وكنت أبغي بعد ذلك  أن أوجه النظر إلى منفعة الفلسفة و أن أبين أنه ما دامت تتناول كل ما يستطيع الذهن الإنساني أن يعرفه ، فيلزمنا أن نعتقد أنها هي وحدها تميزنا من الأقوام المتوحشين و الهمجيين، و أن حضارة الأمم  و ثقافتها إنما تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها ، و لذلك فإن أجل نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد هو أن يمنحه فلاسفة حقيقيين. و كنت أبغي أن أبين فوق هذا أنه بالنسبة إلى الأفراد، ليس فقط من النافع لكل إنسان أن يخالط من يفرغون لهذه الدراسة، بل إن الأفضل له قطعا أن يوجه انتباهه إليها و أن يشتغل بها، كما أن استعمال المرء عينيه لهداية خطواته و استمتاعه عن هذه الطريق بجمال اللون و الضوء أفضل بلا ريب من أن يسير مغمض العينين مسترشدا بشخص آخر..."           ديكارت


 

تمارين على الأشكلة، المفهمة، الحجاج

 من اقتراح إدريس شنتوف

 

 

« كل شيء فينا ينتمي للإنسانية ، وكل شيء يأتينا منها : الحياة ، والثروة ، والموهبة والمعرف والحنان (...) وهكذا ، فعندما نتختزل النزعة الوضعية كل الأخلاق الإنسانية في فكرة واحدة هي أن يحيا الإنسان من أجل غيره ، فأن هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية الكونية وتسييجها ؛ بعد أن تم الإرتقاء بالفكر النظري البشري تجاوز كل التركيبات الذهنية اللهوتية والميتافزيقية (...).

لا يمكن للإنسان الأكثر مهارة وفطنة ونشاطا أن يرد لإنسانية ولو جزءا صغيرا مقابل ما تلقاه منها . يستمر الإنسان ، كما كان في طفولته ، يتغذى بالإنسانية ، ويتلقى الحماية من الآخرين ، ويطزر قدراتهى داخلها (...) وذلك كله بفضل الإنسانية عليه (...) لكن وبدل أن يتلقى كل شيء منها بواسطة آبائه ، تنقل الإنسانية له خيراتها عبر فاعلين متعددين غير مباشرين ، لن يعترف على الكثير منهم .

أن يحيى الإنسان من أجل الغير ، يعني إذن ، عد كل واحد منا ، واجبا ضروريا ومستمرا ينبثق عن هذه الواقعة المتعذر تجوازها وهي : أن يحيى الإنسان بفضل الغير . إنها ، وبدون حماس عاطفي ، النتيجة الضرورية المستخلصة من تقدير دقيق لمجريات الوقع المدرك فلسفيا في مجموعه (...)

علاوة على ذلك ، يجب أن يقوم انسجام أخلاقي ، وبصفة جوهرية ، على الغيرية، فهي وحدها القادرة أن تزودنا بأعظم زخم للحياة . إن الكائنات البشرية المنحطة ، التي تطمح اليوم أن تحيى بفضل الغير ، يجب عليها أن تتخلى عن أنانيتها الهمجية . فإذا ما تذوقت هذه الكائنات ، بما فيه الكفاية ، ما تفضلت بتسميته ملذات الوفاء ، ستفهم آنذاك أن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية (...)

وحدها دوافع التعاطف الإنسانية تصنع الإنطلاقة الحقيقية الثابتة لحياة من أجل الغير ، حياة يجد فيها كل واحد من أفراد المجتمع مساعدة من طرف الآخرين ، لكن مقابل هذه المساعدة يقوم هؤلاء بكبح ميولات الفرد الشخصية والأنانية» .

                                                     كونت ﴿ من كتاب في رحاب الفلسفة ، س 2 ، ص 36 ﴾       

              I.      الأشكلة:

  يختزل كونت كل الأخلاق الإنسانية في فكرة " أن يحيا الإنسان من اجل غيره "، لأن الحياة من أجل الغير تمنح الوسيلة الوحيدة لتطوير كل الوجود البشري بحرية انطلاقا من دوافع التعاطف الإنساني التي تجعل كل فرد من أفراد المجتمع يتلقى مساعدة من طرف الآخرين مقابل كبح ميولاته الشخصية و الأنانية.

 ü      ما هو الإشكال الذي يجيب عليه صاحب النص؟ 

 

          II.      المفهمة:

 ü      اشرح المفهومين التاليين و بين أوجه التقابل بينهما؟

          -  الغيرية.

    -    الأنانية.

  

                         III.      الحجاج:

 

 ü      أبرز الآليات الحجاجية التي استعملها صاحب النص انطلاقا من الأفكار التالية:

 

Ø      " كل شيء فينا ينتمي للإنسانية، و كل شيء يأتينا منها: الحياة، الثروة، الموهبة... "

 Ø      " إن هذه النزعة تهدف إلى تهذيب الغريزة البشرية "

   Ø       " تم الارتقاء بالفكر النظري البشري و تجاوز كل التركيبات الذهنية اللاهوتية والميتافيزيقية. "

 Ø      " لا يمكن للإنسان ... أن يرد للإنسانية و لو جزءا صغيرا مقابل ما تلقاه منها."

 

------------------ 

        « إذا كان الناس جميعهم ­ أو على الأصح إذا كانت جميع الكائنات التي هي في طريقها لأن تصبح كائنات بشرية ­ تنهج نفس السلوك ، فإن الصراع ينبغي أن يؤدي بالضرورة إلى موت أحد الخصمين أو هما معا . فمن المستحيل أن يتنازل أحدهما عن نفسه للآخر ، أو أن يتخلى عن الصراع قبل موت الآخر ، أو أن يعترف بالآخر عوضا أن ينال اعترافه . ولكن، إذا كان الأمر كذلك، فإن تحقيق الواقع البشري وظهوره سيصبح أمرا متعذرا... ولكي يتحقق الوجود البشري وينكشف كوعي بالذات ، لا يكفي إذن أن يكون الواقع البشري متعددا ، بل ينبغي أيضا أن يكون هذا التعدد متفاضلا أي ينبغي للمجتمع أن يستلزم نوعين من السلوك البشري متمايزين تمام التمايز .

 لكي يتشكل الواقعي البشري كواقع معترف به، ينبغي أن يبقى الخصمان على قيد الحياة بعد صراعهما. وهذا لا يتم إلا إذا نهجا مسلكين مختلفين أثناء الصراع . فعن طريق أعمال حرة لا يمكن ردها إلى أي شيء ولا يمكن التنبؤ بها واستنباطها، ينبغي لهما أن يتشكلا ككائنين غير متكافئين أثناء الصراع وعن طريقه. إن أحدهما يجب أن يهاب الآخر دون أن يكون مفطورا على ذلك، ينبغي له أن يتنازل للآخر، ويرفض المخاطرة بحياته من أجل إرضاء رغبته في الاعتراف. وينبغي له أن يتخلى عن رغبته وأن يرضي رغبة الآخر: ينبغي له أن يعترف بالآخر دون أن يعترف الآخر به. والحال أن الاعتراف هكذا معناه الاعتراف بالأخر كسيد ، والاعتراف بالذات كعبد لذلك السيد .

وبعبارة أخرى، فإن الإنسان في حالة نشأته لا يكون قط إنسانا و كفى. إنه دائما إما عبد و إما سيد. إذا كان الواقع البشري لا يمكن أن يتكون إلا كواقع اجتماعي، فإن المجتمع لا يكون بشريا ­ على الأقل في أصله ­ إلا شريطة أن يستلزم عنصرا للسيادة وآخر للعبودية ويقتضي وجودا يتمتع باستقلال ذاتي وآخر يتوقف عليه ويخضع له. لذا ، فإن الحديث عن نوع الأصل بالذات يعني بالضرورة الحديث عن  (استقلال الوعي بالذات وخضوعه ، عن السيادة والعبودية ) .

إذا كان الوجود البشري لا يتكون إلا من خلال الصراع الذي يؤدي إلى العلاقة بين سيد و عبد ، فإن التحقيق التدريجي لهذا الوجود لا يمكن أن يتم هو الآخر إلا بدلالة هاته العلاقة الاجتماعية الأساسية . إذا كان الإنسان لا يختلف عن صيرورته وإذا كان وجوده الإنساني في المكان هو وجوده في الزمان وبما هو زمان ، إذا كان الواقع البشري الذي ينكشف ليس في النهاية سوى التاريخ العام ، فإن التاريخ ينبغي أن يكون تاريخ تفاعل السيادة و العبودية.»

                                               كوجيف ﴿ من كتاب مباهج الفلسفة ، س 2 ، ص 40 ﴾  

 

 الأشكلة:.I

 

-      هل العلاقة مع الغير علاقة صراع؟ 

      - حول هذا السؤال إلى إشكال مستعينا بالصيغة التالية:

   

·         هل ..............................أم ..............................؟                

 

 II. المفهمة:

 ü      استخرج المفاهيم المعتمدة في النص وبين دلالاتها في مختلف مجالات استعمالاتها؟

 

III. الحجاج:

-      اعتمد كوجيف مجموعة من الآليات المنطقية لتقديم أطروحته، أهمها آلية المقابلة.

      -  استخرج هذه الآلية من النص وبيّن وظيفتها المنطقية؟                                

 

--------------------- 

          «سنوجه اهتمامنا نحو الوجود ­ هنا باعتباره وجودا خاصا قصد بيان طريقة اللقاء لدى الآخرين . إن هؤلاء الآخرين لا يمثلون بشكل كلي ما أنا عليه ، كما أنهم لا يمثلون بشكل كلي ما لست إياه ؛ وبالعكس من ذلك فالآخرون هم بالأحرى أولئك اللذين لا نتميز عنهم بذواتنا ، في أغلب الأحيان ، بالرغم من أننا نوجد بينهم أيضا . فالوجود ­ هنا لايملك خاصية التجاور الأنطولوجية الثابتة داخل العالم . إن الوجود «مع» يتعلق بنمط الوجود ­ هنا؛ أما الوجود «أيضا» فهو يدل على مساواة وجود يتحدد كوجود في العالم متبصرا ومنشغلا. فالوجود «مع» والوجود «أيضا» ينبغي أن نفهمهما بالطريقة التي تفهم بها الموجودات وليس يتلك التي تفهم بها المقولات. إن العالم الذي أوجد فيه هو دائما العالم الذي أتقاسمه مع الآخرين، لأن الوجود في العالم هو وجود في العالم «مع»..فالعالم الوجود ­ هنا هو عالممشترك.. والوجود ­ من أجله هو وجود مع الغير . لا يلتقي الآخرون بسبب التصور الذي سيميز ذاتا ما عن كل الذوات الأخرى بشكل مباشر ومستمر ، إنهم لا يلتقون انطلاقا من شكل النظرة الأولى الموجهة نحو الذات والتي سوف تسمح هي وحدها بإدراك تعارض الغير وتميزه . فالآخرون يلتقون انطلاقا من العالم الذي سيبقى وفقه الوجود ­ هنا وجودا متبصرا ومنشغلا بشكل أساسي . ينبغي علينا أن نركز اهتمامنا بدقة على الظاهرة التي أتينا على وصفها، والمتعلقة بهذا اللقاء داخل العالم الحيوي، دون الانسياق وراء الإغواء السهل لـ «تفسير» بقاء الغير بشكل نظري خالص.. فالوجود ­ هنا يعثر على ذاته ، فيما يفعله وفي حاجاته وفي منتظراته واحتياطاته ، أي في الوجود المساير للعالم الحيوي داخليا والذي ينشغل به أولا و أخيرا» .

                                       هيدجر ﴿ من كتاب منار الفلسفة ، س 2 ، ص 36 ﴾

  

 الأشكلة: .I

       - هل ينبغي مد جسور التواصل مع الغير أم النظر إليه كموضوع قابل للتشييء؟

      -  ما هو الأساس الذي تقوم عليه علاقة الإنسان بالآخرين؟  

                       - هل تقوم العلاقة مع الغير على الاشتراك بين الذوات أم على التنافر والعداء؟

  

ü      إختر الإشكال المناسب للنص؟

  

II. المفهمة:

 

·         الوجود ­ هنا (Dasein): كلمة ألمانية معناها الوجود الإنساني أو كيفية وجوده. ولما كان العالم في تبدل مستمر كانت هذه الكينونة الإنسانية غير مستقلة على حال ، فماهية الإنسان إذن وجوده، وحقيقته نزوعه إلى ما يريد أن يكون، فهو إذن يحدد ذاته بذاته وينسج جميع إمكاناته بيده ويجاوز بفعله حدود الواقع، وينفتح على العالم .

 

o       على ضوء هذا التعريف، إشرح الفهومين التاليين: 

 

Ø      الوجود- مع

 

Ø      الوجود- أيضا

 

III. الحجاج:

 

                             -   يقدم هيدجر أطروحته معتمدا أسلوب المقارنة كتقنية حجاجية.

            -  إستخرج هذه الآلية من النص وبيّن وظيفتها المنطقية؟

 

 

مع تحيات موقع تفلسف

tafalsouf.com

---

من نحن | راسلونا | بحث

---

عودة إلى صفحة التمارين

---

رجوع إلى صفحة الاستقبال