لا مجال لأن يتعجب المرء من
شدة إقبال الفلاسفة والمفكرين والعلماء على النظر في أمر الهوية
الشخصية، والسبب في دلك أن هدا الموضوع يتنزل من كتاباتهم ومؤلفاتهم
منزلة مركزية، لاسيما في أمور شأن " الوعي ، الداكرة ، " والنص المعروض
على ناظرينا لايسد عن هده القاعدة فهو يعرض مسألة الأسس التي تقوم
عليها هوية الشخص. كما يثير مجموعة من الإشكالت يمكن بسطها على الشكل
التالي :
- على مدا تتأسس هوية
الشخص ؟ هل بوصفه داتا حرة وواعية أم على مايحمله من صفات ومايصدر عنه
من
أفعال ؟
- هل الداكرة هي
الشيئ الخاص بتجاربي الشخصية الدي يجعلني أحس بنفسي أنني موجود ومستمر
عبر
الزمن إضافة إلى استمرارية "
جسدي " ؟ أم أن هناك قوة أخرى ( الإرادة) تظل ثابة حثى عندما ننسى أو
تتغير ؟
لعل الناظر الممعن في
هدا النص يستوقفه فيه أول ما يستوقف أمران: مداره الدي عليه دار،
وأطروحته التي قال بها . فأما مداره فهو على مسألة مفهوم الشخص الدي
يتأطر داخل مجال الوضع البشري .
وأما أطروحته فهي : التأكيد
على أن الوعي والداكرة عنصران جوهران في تحديد الهوية الشخصية، ودلك من
خلال تركيز صاحب النص على أن الوعي يعتبر عنصرا أساسيا في تحديد الهوية
الشخية بفضل سلسلة من الحالات الواعية المتصلة التي بواسطتها يتدكر
الشخص تجارب واعية حدثت في الماضي، وهدا ما يجعل هويته الشخصية ثابتة
رغم التغير الدي يلحق الجسد .
والحق أن محاولة احتواء
المضمون النظري التي يحاول النص التعبير عنه لن تكلل بالنجاح إلا إدا
حاولنا في البداية أن نؤطر المجال المفهومي الدي يؤتته. وهكدا يمكننا
أن نحدد مفاتيح فهم النص في المفاهيم التالية :
- الحالات الواعية :
هي الحالة التي تكمن الدهن من تدكره مواقف مضت، بصفة عامة هي الحالة
التي يشتغل فبها الذهن بصفة منطقية .
- العنصر الجوهري :
يقصد به النص القدرة الشخصية على التدكر
- الهوية الشخصية : هي
العناصر الماهوية الثابتة المؤسسة لنظام الشخص .
- المعيار : المقياس
ويقصد به في النص " الهوية "
- الداكرة : القدرة
على استرجاع وتخزين الأحداث
الآن وبعد أن كشفنا عن
اللبس الدي يكشف المفاهيم السالفة الدكر . يحق لنا أن نتساءل. ماهو
المضمون الفكري الدي يحاول النص العبير عنه .
من الواضح أن النص ينتصر
لأطروحته مفادها أن الوعي والداكرة عنصران جوهران في تحديد الهوية
الشخصية، ودلك من خلال تركيز صاحب النص على أن الوعي يعتبر عنصرا
أساسيا في تحديد الشخصية بفضل سلسلة من الحالات الواعية المتصلة التي
بواسطتها يتدكر الشخص تجارب واعية حدثت في الماضي ، وهدا مايجعل هوية
الشخص ثابتة رغم التغيرر الدي يلحق الجسد، فصاحب النص يؤكد أنه سيعرف
وجهة نظره الداخلية الأولى حتى ولو أصبح في جسد آخر فهو مع دلك يستطيع
رغم كل هده التغيرات أن يحدد داته ، وهدا لن يتأتى إلا بفضل حضور
الداكرة واستمرارها، فهدا الحضور هو ما يجسد هوية الشخص . ولتأكيد
أطروحته استعمل صائغ النص مجموعة من العبارات التي تؤكد بأنه استعمل
بنية حجاجية مترابطة ، والشاهد على دلك : " من السهل أن أتصور حالات
أجد فيها نفسي في جسد آ خر عندما أستيقظ من النوم " - " أكون متأكدا
أنني الشخص نفسه " – قدرة الإنسان على الإحتفاظ بسلسلة من التجارب تشمل
حالاته الماضية الواعية .
من خلال تتبعنا لمنطق النص
يتضح لنا أنه يتساوق مع جملة مواقف ندكر منها موقف " رونيه ديكارت "
الدي يعتبر أن العقل والقدرة على التفكير هما ما يمثل جوهر الدات
الإنسانية ، حيث الوعي هنا يشكل أساسا لبناء الهوية الشخصية وخاصية
التفكير.
وفي سياق آخر يرى " شوبنهاور
" أن إرادة الحياة هي الأساس المتين الدي تقوم عليه هوية الشخص ، فهي
قوة تظل ثابتة حتى عندما ننسى أن تغيير وتمل نواة الإنسان ، وما العقل
سوى تابع لهده القوة .
خلص بنا المطاف إلى تقرير
مايلي :
-
الوعي والداكرة عنصران جوهريان في
تحديد الهوية الشخصية.
-
العقل والقدرة على التفكير هما ما
يمثل جوهر الدات